ترجمة موجزة وتعريف بفضيلة الإمام الرائد

محمد زكي إبراهيم

 

رائد العشيرة المحمدية ، وشيخ الطريقة المحمدية الشاذلية

وصاحب مجلة المسلم ، ومجدد التصوف الإسلامي

ومؤسس الصحوة الصوفية المعاصرة

رحمه الله تعالى رحمة واسعة

 

 

 

      كتبها تلميذ الإمام الرائد

محيي الدين حسين يوسف الإسنوي

 

 

 

بسم الله وبحمده

وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وآله وصحبه ومن سار على نهجه

أما بعد ...

فهذه ترجمة موجزة لشيخنا الإمام العلامة العارف بالله محمد زكي إبراهيم ،  أكتبها بما لزمته وأخذت عنه وخبرت علمه وفضله عن قرب ؛ وإنّ ما أنا ذاكره هنا ما هو إلا قليل من كثير، وغيض من فيض ، من غير مبالغة ولا تهويل .

وإنّي لأرجو الله تعالي أن يوفقني لكتابة ترجمة موسعة لشيخنا ، عسي أن نؤدي شيئاً من حقِّه علينا ، وإن العبرة من الترجمة الاقتداء .

·       مولده ونشأته :

هو شيخنا وأستاذنا الإمام الفقيه المحدث الشاعر ، بقية السلف الصالح محمد زكي إبراهيم  ، رائد العشيرة المحمدية ، اسمه : محمد ، ولقبه : زكي الدين وكنيته : أبو البركات ،  شريف حسيني أباً وأماً .

ولد رحمه الله في القاهرة بمنزل والده بحي بولاق أبو العلا ، وتاريخ مولده حسب ما هو مدون في أوراقه الرسمية 1916/8/22 م ،  فيكون قد قضـى من العمر في هذه الحياة الدنيا (82) عاماً ، إلا أن عندي من الأسباب العلمية والتاريخية ما يجعلني أؤكد أن الشيخ رحمه الله قد ولد قبل هذا التاريخ بنحو عشر سنوات تقريباً  .

ووالد الشيخ هو العالم الأزهر ي الشيخ إبراهيم الخليل ابن علي الشاذلي ، صاحب كتاب (المرجع) ، وله سلسلة مقالات نشرت في جريدة الإخوان سنة 1932 م ، كما أن له بعض المقطوعات من الشعر الروحي الرائق ، وقد جمعتها في رسالة مطبوعة  .

أما جَدّ الشيخ لأمه فهو الشيخ محمود أبو عليان من تلاميذ الشيخ عليش شيخ مالكية عصره ، وقد ترجم له السيد الدكتور عبد المنعم خفاجي في كتابه عن التصوف .

* تخرجه في الأزهر :

وقد كان لنشأة الشيخ محمد زكي إبراهيم في هذا الجو العلمي الصوفي الأزهري أكبر الأثر في تكوينه العلمي والروحي ، فتلقى العلم ابتداءً على يد والده ، وحفظ القرآن على يد الشيخ جاد الله عطية في مسجد السلطان أبي العلاء ، والشيخ أحمد الشريف بمسجد سيدي معروف ، وكان حينئذ ما بين التاسعة والعاشرة من عمره  .

ثم التحق بمدرسة ( درب النشارين الابتدائية ) ، وكان الابتدائي حينئذ يوازي المرحلة الإعدادية الآن ، ثم انتقل منها إلى مدرسة ( نهضة بولاق الكبرى ) وكانت من أشهر المدارس في ذلك الوقت .

ثم التحق بالأزهر فأخذ فيه المرحلة الثانوية ، ثم مرحلة العالمية القديمة  ، وليس بين يدي الآن ما أعرف منه تاريخ تخرجه في الأزهر الشريف على وجه التحديد، وإن كانت الدلائل تحصر ذلك في الفترة ما بين  1926 إلى 1930 م .

وقد ذكر لي الشيخ رحمه الله كيف أدى امتحان العالمية ؟! وكان ذلك في مجلس خاص  معه ( وهو مسجل عندي بصوته )  قال رحمه الله  :

كنا يوم الامتحان نصلي الفجر في مسجد الإمام الحسين ( الطالب واللجنة ) ، ونحضر درس الشيخ السمالوطي بعد الفجر ، وكان يحضره العلماء باعتبارهم تلاميذ للشيخ ، ثم ننتقل لصلاة الضحى في الأزهر الشريف ، وتذهب اللجان إلى الرواق العباسي في عدة غرف ، في كل غرفة لجنة ، ويدخل الطالب ومعه أوراقه وكتبه التي تم تعيين الامتحان فيها ، وكان رئيس اللجان الشيخ عبد المجيد اللبان رحمه الله ، وظللت أمام اللجنة حتَّى أذان العصر ، وعند ذلك ختم الامتحان بالصلاة الشافعية ( اللهُمَّ صلّ أفضل صلاة على أسعد مخلوقاتك سيدنا محمد وعلى آله .. إلخ ) وكان الختم بهذه الصيغة إيذاناً بنجاح الطالب وحصوله على العالمية الأزهرية ..

وأذكر أنهم حددوا لي في علم البيان (تحقيق الخلاف بين السعد والسيد في الاستعارة المكنية) السعد التفتازاني والسيد عبد القاهر الجرجاني .. وفي النحو باب المبتدأ والخبر .

هذا ملخص ما ذكره لي شيخنا رحمه الله تعالى عن امتحانه العالمية الأزهرية .

* الشيخ والثقافة المدنية :

وقد تعلم الشيخ رحمه الله الإنجليزية في المرحلة الابتدائية ، وتعلم الفرنسية على يد الأستاذ داود سليمان من أعيان أسيوط ، والألمانية بالقاهرة على يد الأستاذ راغب والي ، وكان مدرساً بالمدرسة الألمانية بالقاهرة ، وقد ترجم الشيخ بعض قصائد الشاعر الألماني هايني رش هايني من الألمانية إلى العربية، وتعلم الفارسية على يد الشيخ محمد الأعظمي الإيراني عضو جمعية الأخوة الإسلامية ، وترجم عدداً من قصائد إقبال إلى العربية .

وعندما اتهم بعضهم الشيخ بأنه شيخ أزهري ( معمم ومقفطن ) لا يدري من علوم الدنيا شيئاً إذا بالشيخ يرد عليه بما نصُّه :

كتب إليّ كاتب ، يعنفني بأنني أحبس نفسي في قمقم التصوف ، و أتقوقع في صدفة التدين المتأخر ، وأعيش متخلفاً في عصور الجمود الماضية ، بينما نحن في عصر تقدمي متحضر لم تعرفه دنيانا من قبل ... إلخ .

والذي أحب أن يعرفه هذا الأخ وأمثاله ، أنني وأنا رجل » معمَّم مقفطن « لا أزال أثقف نفسي ، وأزودها بكل ثقافة من المشرق أو المغرب ، باحثاً عن الحكمة ، جارياً وراء الحقيقة ، كلما أذنت لي صحتي وأوقاتي وقدرتي .

فكما أقرأ تاريخ الإسلام والفلسفة وتدرج المذاهب ، ونشوء الفرق والنحل ، وأتابع الصوفية والسلفية ، وتطور تاريخ المسلمين ، وأتابع أدباء العرب وقصاصيه وناقديه ومهرجيه ومفسديه .

كذلك أدرس ملامح الفن القوطي وتدرجه إلى الريسانس ، إلى الكلاسيكية القديمة فالجديدة ، إلى الرومانتيكية ، إلى التأثرية ، إلى الواقعية ، إلى الرمزية ، إلى الالتزامية ، إلى التجريدية ، حتى » بيكاسوا « في التصوير ، و » أندريه « في الأدب ، و » استرافنسكي « في الموسيقى !! .

وأنا أقرأ لشكسبير ، وبوب ، وشيلي ، وبيكون ، وهيجل ، وفلامريون ، وجيته ، ونيتشه ، إلى سارتر ، وسومرت ، وبرانسيل ، وأقرأ كذلك رونسار ، وفارلين ، ورامبو ، وبودلير ، وأفرق بين لوحات جنيسبورو ، ورينو لذرر ، وأميز في مدارس الموسيقى بين صامويل جونسون ، وبوالوا ، إلى كل ما يتعلق بفن المسرح والسينما ..إلخ .

فلست بـ » مقمقم ولا مقوقع « ولا جامد ، ولا متخلف بحمد الله ، إنني أعيش في عصري مندمجاً فيه ثقافة ودعوة ومعاشاً ، غريب عنه أخلاقاً وعبادة واتجاهاً ، ولكن على قدر مقدور لا بد منه للدعاة إلى الله .

هذا ما كتبه رحمه الله ، مما يوضح جوانب ثقافته المدنية .

* الشيخ ورواية الحديث :

وبالإضافة إلى ما تلقاه من الفقه والتفسير والحديث بالأزهر الشريف اهتمَّ شيخنا الإمام محمد زكي إبراهيم بتلقي علم الحديث ( رواية ودراية ) على يد الشيوخ ؛ في وقت قلت فيه رواية الحديث ، وأصبح رواة الحديث في مصر والعالم الإسلامي يُعَدُّون على الأصابع ، وقد أجازني رحمه الله بخط يده بمروياته في الحديث والفقه والأصول واللغة ، ومما جاء في إجازته :

وأخيراً .. وبالتالي وعلى الإجـمال ؛ فإنني أروي قراءة ، وسـماعاً ، ووجـادة  ، وإجازة ، بالإذن الموصول والمكرر بالأثبات ، والجوامع ، والفـهارس ،  والأسانيد ، والمعاجم ، والمسلسلات ، والمختصرات ، عن أشياخي الأماجد الأكرمين : سيدي محمد حبيب الله الشنقيطي ، وسيدي علوي بن عباس المالكي الحسني ، وعن سيدي أحمد الصديق الغماري ، وشقيـقه السيد عبدالله الصديق الغماري ، وسيدي محمد زاهد الكوثري ، نائب عام شيخ الإسلام بتركيا قبل الإنقلاب ، وسيدي أحمد عبد الرحمـن البنا ، وسيدي الشيخ المُعمّر السيد محمد عبد الله العربي العـاقوري الليبي المصري ، وسيدي الشيخ إبراهيم الغلاييني الدمشقي ، وسيدي الشيخ حسن حبنكة الميداني السوري ، وسيـدي الشـيـخ الببـلاوي المصـري ، وسيدي الشـيخ حسنـين  مخلوف المفتي المصري ، والشيخ الحسيني أبوهاشم الأزهري المصري ، والشيخ المبشر الطرازي مفتي البلقان وآسيا الوسطى قبل الشيوعية ، والشيخ يوسف الدجوي المصري ، وسيدي الشيخ محمد بخيت المطيعي المفتي المصري ، وسيدي الشيخ محمد الحافظ التيجاني ، والشيخ أحمد عبد الجواد الدومي ، والشـيـــخ الخـضـر حسـين المغربي مـن شـيوخ الأزهـر ، والأمـيـر عبد الكريم الخطابي مجاهد المغرب ، والسيد اليمني الناصري الشاذلي المغربي المجـاهـد ، والشيخ عبد الوهاب عبد اللطيف الأزهري من علماء الحديث بمصر ، وبقية أشياخي ممن سبق ذكر بعضهم رضي الله عنهم .. وعن والدي السيد إبراهيم الخليل بن علي الشاذلي ، بأسنادهم المحررة بأثباتهم ، عن أشياخهم عموماً بمروياتهم من التفسير ، والحديث ، والفقه ، والأصول ، والمنطق ، والسيرة ، والمصطلح ، وعلم الرجـال والتوحـيد ، وعـلوم القرآن ، والعقائد ، وفروع اللغة العربية ، والثقافة العامة ، والتصوف الصحيح ، وخصوصاً كتب القشيري والغزالي والسهروردي وغيرهم مما أشرت إليه وما فاتني أن أشير إليه . اهـ

ولم يتصدر شيخنا رحمه الله لإعطاء الإجازة بالحديث إلاّ لنفرٍ محدود من كبار العلماء في العالم الإسلامي ، فلمّا كانت سنة 1414 هـ استجازه عدد من العلماء والطلبة فامتنع ، فلمّا كثر الإلحاح عليه ، طبع إجازته الحديثية ، وأجاز طلابه ، وأجاز أهل عصره إجازة عامة كما هو معروف عند أهل الحديث والأثر .

وقد استجازه بعد ذلك مئات من المشتغلين بعلم الحديث النبوي الشريف ، من أساتذة الأزهر وشيوخه بمصر، وأساتذة الجامعة الإسلامية ، وجامعة الإمام ، بالسعودية ، وأساتذة جامعة آل البيت بالأردن ، وجامعة الأحقاف باليمن ،وجامعة القرويين بالمغرب .

* ثناء العلماء عليه :

وقد ترجم لشيخنا الإمام محمد زكي إبراهيم وأثنى عليه عدد كبير من علماء مصر والعالم الإسلامي ، منهم :

1) الإمام الدكتور عبد الحليم محمود شيخ الأزهر في كتابه ( المدرسة الشاذلية ) ، ونشر له خطاباً في كتابه » أبو مدين الغوث « وقصيدة لأبي مدين الغوث ، مع شرح شيخنا لها  ، وقدّم له شيخنا تحقيقه لكتاب » المنقذ من الضلال « في طبعاته الأولى ، وقرأت بخط الإمام الدكتور عبد الحليم محمود ينعت شيخنا بالعارف بالله .

2) ترجم الشيخ الحسيني أبوهاشم والدكتور أحمد عمر هاشم في كتابهما المشترك ( المحدِّثون في مصر ) ترجمة وافية .

3) وأثنى عليه وعلى العشيرة المحمدية المحدث الشيخ عبد الله الصديق الغماري في كتابه ( سبيل التوفيق ) ، وفي آخر كتابه » بدع التفاسير « ، وكانت بينهما مودّة عظيمة ، وكان شيخنا رحمه الله ممن ثبت معه حين تنكر النّاس له لمّا اعتقل في عهد عبد الناصر ، ومكث في السجن الحربي أحد عشر سنة كاملة .

3) وأثنى عليه وذكر شيئاً من نشاطه في الدعوة إلى الله الشيخ أبو الحسن الندوي في عدة مواضع من كتابه المشهور » مذكرات سائح في الشرق « .

4) وذكره فضيلة الشيخ أحمد حسن الباقوري في كتابه » قطوف « الذي نشرته مؤسسة الأخبار ذكر عدداً من الصوفية الأتقياء وجهادهم في نشر الدعوة والإصلاح كالمراغنة والأدارسة والسنوسية ، وذكر شيخنا الإمام الرائد كأنموذج للصوفي العالم العارف المجاهد في هذا العصر ، وبين الشيخ الباقوري وشيخنا رحمه الله رحلة كفاح وجهاد في سبيل إصلاح قوانين الطرق الصوفية .

5) ورغم ما كان بين الداعية الإسلامي الشيخ محمد الغزالي السقا رحمه الله وبين شيخنا رحمه الله من مناظرات ومساجلات استمرت شهوراً وأياماً على صفحات » المسلم « ، و » لواء الإسلام « ، و » الأخبار « إلا أنه كان دائم الثناء على الشيخ رحمه الله ، عارفاً قدره ، سجل ذلك في مقالاته ، وفي كتابه  الجانب العاطفي في الإسلام .

6) وكتب الدكتور عبد المنعم خفاجي في كتابه عن التصوف الإسلامي مؤرخاً لشيوخ التصوف الإسلامي فذكر منهم جدّ الشيخ لأمه الشيخ محمود أبو عليان ، ثم ذكر الشيخ رحمه الله ، وأثبت بعضاً من أفكاره في سبيل إصلاح التصوف كفكرة الجامعة والمكتبة الصوفية .

هذا ما حضرني الآن ، وهناك الكثير من السادة العلماء ممن أثنوا على الشيخ أو ترجموه في كتبهم ، منهم علامة الحجاز السيد علوي بن عباس المالكي ، وولده المجاهد السيد الدكتور محمد علوي المالكي ، والشيخ محمد الحافظ التجاني ، والشيخ أحمد رضوان البغدادي ، والسيد يوسف هاشم الرفاعي ، والسيد علي الهاشمي .. وعشرات غيرهم .

* وظائفه ومناصبه :

بعد أن حصل الشيخ رحمه الله على العالمية الأزهرية لم يجد عملاً في ذلك الوقت ، حتى تقدم للتدريس بالمدارس الأميرية بمحافظة بني سويف ، وظل هناك مؤدياً عمله عدة سنوات ، ثم عاد إلى القاهرة مدرساً أيضاً ، وظل يتدرج في وظائف التعليم المختلفة ، حتى أصبح رئيساً للسكرتارية العامة للتعليم الحر المسمى بالتعليم الخاص الآن ، ثم عين مفتش قسم ، وكان القسم وقتها يعني القسم الإداري  .

وقد عمل أيضاً : أستاذاً ومحاضراً للدراسات العليا بالمعاهد العالية ومعهد الدراسات الإسلامية ومعهد إعداد الدعاة ، وحاضر أيضاً في بعض الكليات الأزهرية ودورات إعداد الأئمة والوعاظ والبعوث الإسلامية .

وعمل مديراً لمؤسسة ( الزفاف الملكي ) ، والتي سميت بعد الثورة ( مؤسسة البر الأميرية ) .

* اشتغاله بالصحافة والمقال :

اشتغل شيخنا الإمام محمد زكي إبراهيم رحمه الله بالكتابة في الصحف والمجلات السيارة والإسلامية ، منذ أواخر العشرينات ؛ فكتب في مجلات : الأزهر ، ومنبر الإسلام ، واللواء الإسلامي ، وعقيدتي ، والأخبار ، والأهرام، والجمهورية .

كذلك كتب في : لواء الإسلام ، والإسلام ، والمسلم ، والخلاصة ، والعمل ، والرسالة الإسلامية ، والتصوف الإسلامي ، وجريدة الإخوان المسلمين الأسبوعية ، والسياسة الأسبوعية ،والنهضة الفكرية ، والفجر ، وأبولو .. وغيرها من المجلات .

وقد أسس شيخنا رحمه الله جماعة » الروّاد الأوائل « ، وكان يقوم بتحرير مجلتها » التعارف « .

واشتغل في الخمسينات بتحرير وإدارة مجلة » الخلاصة « لصاحبها سيد مصطفى أمين رابطة الإصلاح ،  ثم بتحرير وإدارة مجلة » العمل « لصاحبها عبد العليم المهدي ، ثم أسس مجلته » المسلم « سنة 1950 م ، وقام بتحريرها وإدارتها .

وقد تنوعت مقالات الشيخ وكتاباته ؛ فكان منها المقال الديني ، والاجتماعي ، والتاريخي ، والأدبي ، والسياسي ، وكان منها البحث الأكاديمي ، والمقال الصحفي .

* مؤلفاته العلمية :

ترك لنا شيخنا رحمه الله ثروة علمية هائلة : أكثر من مائة كتاب ورسالة في العلوم الدينية ، كما ترك لنا مئات البحوث والفتاوى والمقالات والخطب والدروس ( بعضها مكتوب وبعضها مسجل ) ، وقد وفقني الله لمراجعة وتحقيق وطباعة بعض كتبه في حياته رحمه الله ، ومن كتبه المطبوعة :

(1) أبجدية التصوف الإسلامي : عن أهم وأكثر ما يدور حول التصوف الإسلامي ، فيما هو له وما هو عليه ، بين أعدائه وأدعيائه .

(2) أصول الوصول : أدلة أهم معالم الصوفية الحقة من صريح الكتاب وصحيح السنة .

(3) الخطاب : خطاب صوفي جامع من الإمام الرائد إلى أحد كرام مريديه .

(4) فواتح المفاتح :  الدعاء وشروطه وآدابه وأحكامه ،

(5) أهل القبلة كلهم موحدون : يبين أن أهل القبلة كلهم موحدون ، و كل مساجدهم مساجد التوحيد، ليس فيهم كافر ولا مشرك ، وإن عصى وخالف ،

(6)  الأربعون حديثاً الحاسمة ردعاً للطوائف المكفَّرة الآثمة .

(7) حكم العمل بالحديث الضعيف : حول جواز العمل بالحديث الضعيف في فضائل الأعمال بشرطه عند علماء الحديث ، وإن الضعيف جزء من الحديث المقبول عند أهل هذا الفن .

(8) مراقد أهل البيت في القاهرة : يحقق أن رأس الإمام الحسين رضي الله عنه والسيدة زينب وغيرهما من آل البيت بالقاهرة ، تاريخا وواقعاً .

(9) قضية الإمام المهدي : في تأكيد أن المهدي حق ، ولكن لم يأت زمانه بعد ، عقلاً ونقلاً .

(10) ديوان البقايا : شـعر صوفي واجتماعي فني مـعاصر عميق .

(11) ديوان المثاني : الجزء الأول ، والجزء الثاني : مثاني من الأبيات الشعرية تستغرق أغراضا مختلفة ، وحكماً وتوجيهات ، وآداباً وصوفيات رائعة

(12) أمهات الصلوات النافلة : الصلوات النافلة ومسائلها وأحكامها من الكتاب والسنة .

(13) ليلة النصف من شعبان : قيامها ، فضلها ، الدليل الحاسم على إحيائها.

(14) عصمة النبي ونجاة أبويه وعمه : ردٌ على أقوال المنكرين ، وتأكيد لعصمة النبي صلى الله عليه وآله وسلم ،  وحلول المشاكل المدعاة حولها بقواطع الأدلة ، مع بحث خاص بمعجزات النبي صلى الله عليه وآله وسلم .

(15) بركات القرآن علي الأحياء والموتى :  من الحديث النبوي .

(16) حول معالم القرآن :  على طريقة المحدّثين في قضايا ومعلومات قرآنية هامة .

(17) معالم المجتمع النسائي في الإسلام : أحكام وقضايا النساء المختلفة بأسلوب علمي ميسر .

(18) فقه الصلوات والمدائح النبوية : بحث جديد في فقه السيرة من الصلوات ومدائح الشعر والنثر قـدمه للأزهـر في مؤتمر الفقه والسيرة العالمي .

وله غير ذلك من الكتب والرسائل المطبوعة والمخطوطة ، جمعتها في ثبت ملحق بكتاب » الإسكات « ، وتبلغ نحو مائة كتاب ورسالة فضلاً عن المقالات والمحاضرات .

* الشيخ والدعوة إلى الله :

كان شيخنا رحمه الله مثالاً للداعية الإسلامي الرشيد الذي وهب كل حياته للدعوة ، وبرغم مرضه الذي ألزمه بيته نحواً من عشرين عاماً ، فإنه ما انعزل عن العالم أبداً ، وما ترك عادته في الدرس والمحاضرة ، واستقبال عشرات الزوار يومياً ، والرد على اتصالاتهم الهاتفية .

كما كان من عادته أن يقرأ الصحف يومياً ، متابعاً ما يحدث في العالم من أحداث وأفكار ودعوات ، ويختار من تلك الجرائد والمجلات المقالات والقصاصات ويجمعها في أرشيف خاص حسب الموضوع ..

أسس الشيخ رحمه الله جمعية العشيرة المحمدية رسمياً سنة 1930 م  ، لتكون وسيلته للدعوة الإصلاحية الإسلامية الصوفية ، وجعل من مبادئه الاهتمام بالفرد والجماعة ، ومن أقواله : » المجتمع فرد مكرر : إذا صلح الفرد صلح المجتمع « .

وقد عمل أميناً ورائداً دينياً لجمعية الشبان المسلمين ، والمؤتمر القرآني ، وعضواً في الهيئة العليا للدعوة بالأزهر ، وعضواً مؤسساً لعدد من الجمعيات الإسلامية .

ومما يحفظه التاريخ تلك المؤتمرات والندوات التي قام بها شيخنا في السبعينات من أجل تطبيق الشريعة الإسلامية ، وقد شاركه شيخ الأزهر الدكتور عبد الحليم محمود الذي كان نائباً للشيخ في مجلس إدارة العشيرة المحمدية ، وكان يرأس هذه المؤتمرات فضيلة الشيخ محمد حسنين مخلوف مفتي مصر سابقاً .

وقد شارك شيخنا رحمه الله في اللجان التي أنشئت من أجل تقنين الشريعة الإسلامية ، وتفريغ الأحكام الفقهية في شكل مواد دستورية ..

كما كان له الفضل في إنشاء مكتب رعاية المهتدين إلى الإسلام بالأزهر الشريف في عهد الدكتور عبد الحليم محمود ، وما زال هذا المكتب يؤدي مهمته إلى الآن خير قيام .

* مناظرات ومساجلات علمية :

وقد كان للشيخ مناظرات ومساجلات مع بعض معاصريه من الشيوخ والعلماء ، ممن اختلف معهم في الرأي ، والاختلاف طبيعة بشرية ، وقد كان الشيخ رحمه الله قوي الحجة ، طوع الله له اللغة والبيان ، كما كان  ملتزماً أدب العلم والمناظرة في كل ذلك ، وليس أدل على ذلك من رفضه نشر خطاب يسيء لبعضهم بخط يد ذلك البعض ، وكان قد سبق إلى الله ، فأبى وقال : إن حرمة الموت تمنعني من نشره وإن كان ما فيه حقاً إلا أن فيه إساءة كبيرة له .

ولعل أشهر هذه المناظرات ما كان بينه وبين الداعية الشيخ محمد الغزالي رحمه الله » حول عبادة الرغبة والرهبة « تلك المناظرات التي استمرت ستة أشهر على صفحات الأخبار والمسلم ولواء الإسلام ، وشارك فيها الصحفي أحمد سالم والدكتور عبد الحليم محمود والشيخ محمد خليل الهراس والشيخ محمد عبد الهادي العجيل .

ومن المناظرات والمساجلات أيضاً ما كان بينه وبين الشيخ عبد الرحمن الوكيل ، والدكتور سيد رزق الطويل ، والدكتور إبراهيم هلال ، والأستاذ حسن قرون وغيرهم ، وفي كل تلك المناظرات التزم الشيخ رحمه الله الأدب الصوفي الرفيع ، والبحث العلمي النزيه والحجة المقنعة .

كما أنه انتقد عدداً من العلماء ورد عليهم  ؛ فانتقد الشيخ عبد الجليل عيسى لما كتبه في كتابه » اجتهاد الرسول « ، ورد عليه في كتاب » عصمة النبي صلى الله عليه وآله وسلم « الذي كان أول رد على ما نشره صبحي أحمد منصور ، وقد فصل المارق : صبحي أحمد منصور من الأزهر بذلك الكتاب والتقرير الذي كتبه عنه الشيخ رحمه الله .

وقد عرضت مشيخة الطرق الصوفية على الشيخ بعد وفاة الشيخ الصاوي فرفض وقال ( ما سرني أن صرت شيخاً لطبال وزمّار ) .

 

* تراثه الأدبي :

فضيلة الشيخ محمد زكي إبراهيم من جيل الرواد الأوائل من شعراء هذا العصر ، عاصر شوقي وحافظ والعقاد والرافعي والزيات ، وكان له معهم صولات وجولات ، وقد ألف أربعة دوواوين شعرية في خمسة عشر جزءاً من الشعر العمودي المقفى ، في أغراض الشعر المختلفة .

وقد كان للشاعر حلقة شعرية إسلامية ألفها من كبار الشعراء الإسلاميين ، منهم : الدكتور حسن جاد ، وقاسم مظهر ، ومحمود الماحي ، وعبد الله شمس الدين ، والدكتور سعد ظلام ، وضيف الله ، والربيع الغزالي ، وشاور ربيع ، والأستاذ محمد التهامي  ، وأحمد عبد الخالق وغيرهم .

كما أن للشيخ مقالات أدبية ونقد أدبي رائق في مجلة أبولو ، والفجر ، والنهضة الفكرية ، لعل من أهمها ما كتبه في نقد الأستاذ » أبي حديد « في الشعر الحر أو المرسل ، ولا ننس ما انتقد به الزيات في سلسلة مقالاته » مشاغبات الأسبوع « التي نشرتها له جريدة الإخوان لعهدها الأول سنة 1932م  ولنا إن شاء الله عودة إلى تلك الأدبيات .

* وفاته :

رحم الله شيخنا ، كان المسجد بيته الذي لم يبرحه ، ومدرسته ومضيفته وساحته ، محط رحال كل من زاره من عرف قدره من العلماء والرؤساء والأمراء .

ثُمَّ كان المسجد مجاوراً لمدفنه ، فقد انتقل إلى رحمة الله الساعة الثالثة تماماً من فجر يوم الأربعاء 16 من جمادى الآخرة 1419 هـ  ، الموافق 7 من أكتوبر 1998 م بعد حياة حافلة في الدعوة إلى الله ، على هدى وبصيرة ، ودفن مع أبيه وجدّه بجوار المسجد .

رحم الله تعالى شيخنا الإمام محمد زكي إبراهيم ، وألحقنا به على الإيمان ، ورحم الله أشياخنا جميعاً ، ورحم الله من سبقنا من إخواننا إلى الله .

وصلى الله على سيدنا محمّد وآله وسلم

 

 

اضغط هنا للذهاب للصفحة الرئيسية للعشيرة المحمدية